سورة الذاريات - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الذاريات)


        


{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)}
{كَانُواْ قَلِيلاً مِّن الليل مَا يَهْجَعُونَ} الهجوع النوم. وفي معنى الآية قولان: أحدهما: وهو الصحيح: أنهم كانوا ينامون قليلاً من الليل، ويقطعون أكثر الليل بالسهر في الصلاة والتضرع والدعاء، والآخر: أنهم كانوا لا ينامون بالليل قليلاً ولا كثيراً ويختلف الإعراب باختلاف المعنيين؛ فأما على القول الأول ففي الإعراب أربعة أوجه: الأول أن يكون قليلاً خبر كانوا وما يهجعون فاعل بقليلاً، لأن قليلاً صفة مشبهة باسم الفاعل، وتكون ما مصدرية، والتقدير: كانوا قليلاً هجوعهم من الليل، والثاني: مثل هذا إلا أن ما موصولة والتقدير: كانوا قليلاً الذين يهجعون فيه من الليل، والثالث: أن تكون ما زائدة، وقليلاً ظرف، والعامل فيه يهجعون، والتقدير: كانوا يهجعون وقتاً قليلاً من الليل، والرابع: مثل هذا إلا أن قليلاً صفة لمصدر محذوف، والتقدير: كانوا يهجعون هجوعاً قليلاً، وأما على القول الثاني في الإعراب وجهان: أحدهما أن تكون ما نافية، وقليلاً ظرف، والعامل فيه يهجعون، والتقدير: كانوا ما يهجعون قليلاً من الليل، والآخر أن تكون ما نافية، وقليلاً خبر كان، والمعنى كانوا قليلاً في الناس، ثم ابتدأ بقوله: {مِّن الليل مَا يَهْجَعُونَ} وكلا الوجهين باطل عند أهل العربية، لأن ما نافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، فظهر ضعف هذا المعنى لبطلان إعرابه.


{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)}
{وبالأسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي يطلبون من الله مغفرة ذنوبهم، والأسحار آخر الليل، وقد جاء في الحديث: «أن الله تعالى يقول في الثلث الآخر من الليل، من يستغفرني فأغفر له»، وقيل: معنى يستغفرون: يصلون وهذا بعيد من اللفظ.


{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)}
{وفي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ والمحروم} الحق هنا نوافل الصدقات، وقيل: المراد الزكاة وهذا بعيد؛ لأن الآية مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة، وقيل: إن الآية منسوخة بالزكاة، وهذا لا يحتاج إليه لأن النسخ إنما يكون مع التعارض، ولا تعارض بين الزكاة والنوافل. وتسمية النوافل بالحق كقوله: {حَقّاً عَلَى المحسنين} [البقرة: 236] وإن كان غير واجب، وقال بعض العلماء: حق سوى الزكاة. ورجحه ابن عطية. واختلف الناس في المحروم حتى قال الشعبي: أعياني أن أعلم ما المحروم، وقيل: المحروم الذي ليس له في بيت المال سهم، وقيل: الذي اجتيحت ثمرته، وقيل: الذي ماتت ماشيته، والمعنى الجامع لها أن المحروم هو الفقير المستور الحال.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8